أخبار وطنية حول الحملة التحريضية التي يتعرّض إليها العميد الحبيب القزدغلي: رسالة عاجلة من 270 أستاذا جامعيا من 15 دولة الى وزير التعليم العالي

يتعرّض الاستاذ الجامعي والمؤرخ والعميد السابق لكلية الآداب والفنون والإنسانيات (من 2011 إلى 2017) إلى حملة تشهيرية مسترابة من قبل مجموعة من الطلاب المتطرفين واتهامات خطيرة بـ"التطبيع الأكاديمي" (بمعنى إقامة علاقات أكاديمية رسمية مع الجامعات الإسرائيلية) لا لشيء سوى أنه شارك في مؤتمر علمي تاريخي بفرنسا ضم ّباحثين جامعيين من بلدان مختلفة من بينهم عدد من الباحثين الإسرائيليين.
في هذا الاطار وجّه 270 أستاذا جامعيا من 15 دولة رسالة عاجلة إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي وإلى السلطات العلمية المسيرة لجامعة منوبة بتونس جاء فيها ما يلي:
"نحن الجامعيين من بلدان مختلفة، نبعث بهذه الرسالة، المحرّرة ببادرة من مجموعة اليقظة الجامعية (فرنسا) ومجموعة الأساتذة الجامعيين (تونس)، حول الأستاذ الحبيب القزدغلي إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي وإلى السلطات العلمية المسيرة لجامعة منوبة بتونس.
يتعرض الأستاذ القزدغلي، الأستاذ بجامعة منوبة والمؤٍرّخ والعميد السابق لكلية الآداب والفنون والإنسانيات (من 2011 إلى 2017) إلى حملة تشهيرية من قبل مجموعة من الطلاب المتطرفين (قوميين ويساريين وإسلاميين) وبتحريض من بعض الأساتذة، يعتبرون أنفسهم أوصياء على القضية الفلسطينية ويتّهمونه بـ"التطبيع الأكاديمي" (بمعنى إقامة علاقات أكاديمية رسمية مع الجامعات الإسرائيلية) لا لشيء سوى أنه شارك في مؤتمر علمي تاريخي بفرنسا ضم ّباحثين جامعيين من بلدان مختلفة من بينهم عدد من الباحثين الإسرائيليين.
إنّ الأستاذ الحبيب القز دغلي، هو مؤرّخ مختصّ في تاريخ تونس والمغرب العربي المعاصر وتاريخ الشيوعية والأقليات الدينية في تونس ومعروف بعمله الأكاديمي المتميّز والمعترف به دوليا، بما في ذلك بأبحاثه حول الأقليّة اليهوديّة في تونس. فمن البديهي أن يدعى الحبيب القزدغلي في شهر أفريل 2023، إلى ندوة في باريس بعنوان: اليهود والقانون في تونس - من الحماية إلى الاستقلال (1881-1956) – بين التقدم التاريخي والمرونة الدينية ، الذي انعقد برعاية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي الفرنسي وبتنظيم من الجمعية الفرنسية لتاريخ اليهود في تونس بالتعاون مع المركز الفرنسي لتاريخ اليهود في تونس . هذه الدعوة، التي وجهت لباحثين من جنسيات مختلفة بمن فيهم تونسيين وإسرائيليين، ونتج عن هذه الدعوة اتهامه من قبل المجلس العلمي للكلية ورئاسة جامعة منوبة بـ"السعي إلى "التطبيع مع إسرائيل".
وأكثر من ذلك قرّر المجلس العلمي في خطوة غير مسبوقة اقتراح التراجع عن منحه لقب "أستاذ متميز" بعد أن سبق له اقتراح ذلك وصدر قرار وزاري في 10 جانفي 2025 يقرّ حرمان الأستاذ القزدغلي من رتبة أستاذ متميز .
من الجدير بالتذكير أيضا أن الندوات العلمية تعتمد على قيمة الأبحاث وليس على انتماءات الباحثين السياسية والباحث يدعى للندوات العلمية لتخصّصه وكفاءته في مجاله البحثي لا لتمثيل بلاده أو أي مؤسسة كانت.
وفي 12 أفريل من السنة الجامعية الحالية وإثر بلوغ خبر قرار قسم التاريخ تكريمه، عمدت مجموعة من الطلاب للتشهير بالأستاذ القزدغلي وقامت بتمزيق صورته الموجودة ضمن معرض صور العمداء في القاعة الشرفية للكلية ودعت إلى الإضراب غير المحدود زمنيا عن الدراسة إلى حين التراجع عن تكريم الأستاذ القزدغلي.
وقد عقد المجلس العلمي للكلية اجتماعًا طارئًا واستثنائيًا في 15 أفريل، وأصدر بيانًا صحفيًا يعلن فيه تأييده الكامل لمطالب الطلاب و"دعمه غير المشروط لنضالاتهم المشروعة ضد التطبيع"، معربًا عن معارضته الشديدة "لأي اقتراح لتكريم الحبيب القزدغلي" بدعوى رفضه المطلق "لتكريم أي شخص مشتبه به في التطبيع".
كما هاجم بيان المجلس مخبر التراث حيث كان الأستاذ ينتمي إليه منذ تأسيسه في سنة 1999، فبات أعضاء المخبر ملاحقين وعرضة لتشويه و أصبح المخبر مهددا بالإغلاق.
وممّا يُذكر أيضا انّ الحبيب القزدغلي معروف في تونس وخارجها بدفاعه القوي عن القيم التاريخية التي ميزت تونس منذ استقلالها ومن أهمّها: التعليم للجميع، الحرية الأكاديمية، الحداثة، والمساواة بين الجنسين. ولا يزال الجامعيون والمثقفون يتذكرون معركته مع زملائه خلال سنتي 2012 -2013 ضد الهجمة الأصولية السلفية التي سعت إلى السيطرة على الجامعات وتحويلها إلى "حرم مقدس".
تلك المقاومة التي كّلّفته ملاحقات قضائية (انتهت بتبرئته في جويلية 2014 بعد محاكمة ماراثونية تواصلت سنتين) وتخلّلتها تهديدات بالقتل (وقد عاش الأستاذ عشر سنوات من حياته تحت حماية أمنية مسلحة).
فالمناخ الحالي لا يزال معادياً للحريات الأكاديمية التي طالما دافع عنها العميد القزدغلي، والذي يجد نفسه مرة أخرى هدفًا للهجمات بدعوى الدفاع عن القضية الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني . وكما ذكرت صحيفة "لو ماتن الجزائرية فإنه "يدفع ثمن استقلاله الفكري والحرّ والتمشي العقلاني والنقدي وإيمانه بتعدّد الذاكرات والانفتاح على العالم. هذه المبادئ هي التي تثير عداء أولئك الذين يرغبون في تحويل التاريخ إلى أداة للدعاية"
نحن بصفتنا أكاديميين من مؤسّسات متعدّدة ومن مختلف البلدان، ملتزمين بالحريات الأكاديمية وبالنزاهة العلمية، نعرب عن دعمنا الكامل للأستاذ القزدغلي، ضحيّة الاتهامات والهجمات غير المبرّرة ونطالب السلطات السياسية والأكاديمية التونسية بإعادة النظر في قرار رفض درجة أستاذ متميّز للأستاذ القزدغلي ونطلب علنا من وندعو السلط الأكاديمية ومن كافة الزملاء الالتزام بالدفاع عن الحريات الأكاديمية والبحث العلمي بعيدا عن كل ضغط إيديولوجي" .
270 إمضاء لأساتذة جامعيين من 15 دولة : تونس – فرنسا – الجزائر – المغرب- لبنان – ألمانيا – إيطاليا- هولندا- سويسرا- المجر- اليونان- روسيا – الولايات المتحدة الأمريكية.